بيان عاجل من السيد عمرو موسى‏

 جريدة الفجر
(1)

تمر البلاد بمرحلة حاسمة من تاريخها تواجه فيها موقفا صعبا يفرضه البون الشاسع الذى ما زال يفصل بين آمال الجماهير التى ثارت يوم 25 يناير وبين ما تحقق من انجازات فعلية على ارض الواقع.
و لقد اوصلتنا تلك الفجوة الخطيرة التى تزداد اتساعا مع الوقت ، الى وضع بالغ الخطورة يتسم بضبابية اصبحت تحيط بالمشهد السياسى كله وتكاد تضيع وسطها مواقع الخطى ومقاصد الطريق ، وهو ما يعطل عملية البناء الديمقراطى التى قامت من اجلها الثورة ويهدد مستقبل الامة بشكل عام.
لقد اصبح البطء فى الاستجابة لمطالب الجماهير وعدم الحسم فيها سمة مميزة للآداء العام وهو ما يمكن ان يدفع البلاد دفعا الى اوضاع لا تؤمن عقباها.
وتلك الاوضاع رغم ما تتسم به من خطورة تحيط بمستقبل الامة الا اننى على يقين ان الثورة ما زالت وستظل مسيطرة على اهدافها وارادتها و ادواتها، واننا نستطيع معا بادراك واع بمسئولياتنا عن الوطن وعن اجياله الحالية والقادمة ، ان نعيد تسيير سفينة الثورة نحو مقاصدها واننا معا نملك الرؤية والقدرة والقوة والادوات التى تمكننا من تحقيق اهداف ثورة فريدة فى التاريخ الانسانى كله.
ومن هذا المنطلق فاننى اطالب بفورية تقديم من تسببوا فى ازهاق ارواح الشهداء خلال ايام الثورة وكذلك من لعبوا بمقدرات البلاد وعاثوا فيها فسادا ، الى المحاكمة الناجزة و العادلة التى لا تحتمل التأجيل.
كذلك ننبه الى خطورة تمديد الفترة الانتقالية الحالية التى تؤجل البدء فى عملية البناء الديموقراطى الذى تتطلع اليه الجماهير فمثل هذا التأجيل يؤجج حالة عدم الاستقرار التى تعيشها البلاد ويزيد من ضبابية الموقف السياسي.
كما نطالب بان تكون الوزارة الجديدة التى سيتم تشكيلها هذا الاسبوع وزارة ثورة ،ليست وزارة تسيير اعمال ، وتكون مهمتها تحويل آمال جماهير الثورة الى سياسات فعلية ترتقى الى مستوى التحديات التى نواجهها ولا تقوم على الحلول اللحظية للمشاكل الطارئة .

(2)

لقد تاخر كثيرا البت فى حركة المحافظين والتى مازالت تتم وفق معايير اثبتت فشلها ، وآن الآوان لوضع اسس جديدة لها من اهمها ان يكون تعيين المحافظ بالانتخاب .
واذا كانت حركة المحافظين التى ستجرى قبل نهاية الشهر الحالى ستتم بالتعيين ، فاننى اطالب بأن نبدأ الاختيار من الان وفق قواعد موضوعية معلنه تؤهل المرشح لهذا المنصب الهام والحساس فى اطار واضح من الشفافية.
اما فيما يتعلق بازمة ضباط الشرطة فاننا نؤكد أنه ما كان يجب منذ البداية ابقاء المتهمين منهم فى مواقعهم رغم الاتهامات الموجهه لهم كما نذكر بان ثقة الشعب التى لا تتزعزع فى جهاز الشرطة لا تؤكدها الا نزاهته التى ينبغى تتطهيرها من كل شائبة تشوبها ، وذلك بالاسراع فى اعمال العدالة وايقافهم عن العمل الى ان تصدر المحكمة حكمها فى شانهم.
اننا نحذر من التشكيك فى نزاهة واستقلال القضاء فى وقت نحن احوج ما نكون لتطبيق القانون ونثق ان القضاه انفسهم قادرون بما يملكون من حكمة وحنكة ، ان ينظموا البيت من الداخل وان يواصلوا مهامهم المقدسة باعتبارهم الدرع الواقى للثورة ولتحقيق مطالبها.
كذلك اننى ادعو كافة طوائف الشعب بالمطالب الوطنية للثورة بالاسلوب الحضارى الذى عرف عنها منذ قيامها فى 25 يناير ، وكذلك التشبث بوحدة البلاد والتى كانت الحصن الذى حافظ على طهارة وقوة الثورة والثوار .

اخيرا فاننا جميعا مدعوون شعبا وحكاما بان نضع مصلحة الوطن فوق اى مصلحة ، وان نتصدى معا لأى محاولات لاحداث الفرقة بين مختلف طوائف الشعب، وبيم الشعب وقيادات البلاد. وتحقيق هذا الهدف الاسمى يتطلب من المجلس العسكرى الاعلى ومن الحكومة اتخاذ القرارات الازمة والحاسمة لتأكيد الاستجابة بكل شفافية لمطالب الشعب المشروعة دون تاخير.

اننى ارى فى الافق وبجلاء مستقبلا مشرقا ينتظر هذة الامة العظيمة التى كسرت بثورتها قيود واغلال الماضى ونفضت عن كاهلها غبار الفساد والظلم والتخلف المتراكم ، واننى ادعو جميع ابناء هذه الامة الى ألا نسمح بتمديد اللحظة الراهنة بضبابيتها، وان نسعى الى بدء البناء العظيم الذى به وحده ستشرق على البلاد شمس المستقبل المرتقب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق