هل ينهار الاقتصاد حقا







                                                                               
مجدى أحمد حسين
 
يروج بعض الاعلاميين بل ورئيس الوزراء نفسه أن الاقتصاد المصرى سينهار قريبا وهذه الأقاويل أخطر على الثورة من الأعمال الارهابية لفلول النظام البائد لأنها تشيع مناخا من الفزع واليأس وفقدان الاتجاه . وهذه الأقاويل غير صحيحة من عدة زوايا ، فهى تنسب المتاعب الاقتصادية الراهنة للثورة ولاتشير الى أنها ترجع أساسا الى حالة الاقتصاد البائسة التى أوصلنا اليها نظام مبارك.وهى تغفل أن الوقفات الفئوية المتواصلة ترجع الى حد بعيد لسوء الادارة السياسية لأوضاع البلاد وتعرضت لذلك فى مقال سابق . كذلك فان تباطؤ النشاط الاقتصادى أمر طبيعى عندما يترافق مع ثورة بهذا الحجم والشمول وهو أمر لايدعو الى الانزعاج اذا كانت قيادة الدولة الراهنة ( المجلس العسكرى والحكومة ) تطرح أفقا جديدا للنهوض الاقتصادى وهذا هو بيت القصيد . وهذا مع الأسف
الشديد ليس حادثا حتى الآن ، وهذا هو السبب الرئيسى للارتباك الاقتصادى الحالى . ان كل المؤشرات المعلنة حتى الآن تقول ان البلاد تسير بالقصور الذاتى لسياسات العهد البائد فى العديد من المجالات عدا مجال الحريات التى تشهد ازدهارا تم انتزاعه بقوة ثورة الشعب وان لم يخلو الأمر من مظاهر القمع السابق ( التعامل مع طلاب واساتذة الاعلام ، والمتظاهرين ضد السفارة الاسرائيلية ،  واستمرارالتضييق على حزب العمل وجريدة الشعب!!). ولكن الأمر أكثر مايكون وضوحا فى المجال الاقتصادى . فقد تعودنا منذ 35 عاما أى منذ اعلان سياسة الانفتاح الاقتصادى الفاشلة عام 1975 أن البلاد كلما احتاجت اقتصاديا لشىء أن نتجه فورا للقروض والمعونات الأجنبية. أو بدعوة الاستثمار الأجنبى للتدفق وبدون ربط ذلك بأولويات وشروط وطنية وفقا لخطط اقتصادية رشيدة تحمى استقلال البلاد. ولم ننتبه من البداية أن الحكومة الراهنة لم تتضمن أى تعديل جوهرى فى المجموعة الاقتصادية فهى نفس المجموعة السابقة التى عاشت على فكرة القروض والمعونات وأوردت البلاد والعباد مورد التهلكة ، ليس فى مجال اغراق البلاد بالديون وفوائدها المركبة فحسب بل بما يترافق مع ذلك من الزيغ عن الطريق الحقيقى للتنمية . وبعد ثورة بهذا العمق والشمول استهدفت بالأساس استعادة رفعة ومكانة مصر واستقلالها فان ذلك لابد أن ينعكس فورا على السياسة الاقتصادية . والطريف أن بعض الناس والمثقفين يقولون وماذا هو البديل ؟ وهى نفس الطريقة فى الاجابة على سؤال كان يطرح منذ سنوات، ماهو بديل مبارك ؟!! والحقيقة أن بديل سياسة التسول من الخارج معروف تماما فى عالم الاقتصاد ، وهو البديل الذى تبنته كل الدول الناهضة فى العصر الحديث  فى مختلف قارات الأرض والتى سبقتنا ، ولكن اعلامنا الذى يسير بدوره بالقصور الذاتى للعهد البائد ، لايقول ذلك . ان الأمم  لم تنهض فى أى عصر من العصور الا عبر تعبئة مواردها الوطنية وفق خط وطنية واضحة تستجيب للاحتياجات الأساسية للشعب ، ثم تنتقل الى الارتفاع التدريجى لمستوى المعيشة من حد الكفاف الى حد الكفاية . ونفصل غدا باذن الله.  
مجدى أحمد حسين

علامات – الدستور المطبوعة 26 مايو 2011  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق