مجدى حسين : عصام شرف يدخل التاريخ

موقع العمل :


الكاتب: مجدى أحمد حسين

قرر الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المؤقت أن يدخل التاريخ من أسوأ الأبواب. فمثله لابد أن يدخل التاريخ كأول رئيس وزراء مرضى عنه من الشعب بعد الثورة من أفضل الأبواب أو من أسوأها ولكنه قرر فيما يبدو الخيار الأخير. وأفضل الأبواب أن يسعى لتحقيق رغبات الشعب وأهداف الثورة قدر الإمكان فى الفترة الانتقالية الحرجة وإن تمكن من ذلك لأصبح زعيم الأمة بلا منازع، لأن معاكسة التيار والبناء فى اتجاه معاكس من سمات الشخصيات الفذة. ولكن الذين اختاروه كانوا يعرفونه أكثر من ثوار التحرير فسرعان ما تحول الرجل إلى أداة طيعة ولبنة يعاد البناء حولها للاحتفاظ بنفس خصائص النظام البائد بدون أبرز الوجوه المحروقة التى أحيل معظمها لمستشفى شرم الشيخ أو سجون طرة. وهذه هى الخطة الأمريكية لمصر وتونس وليبيا واليمن. وقد بدأت الخطة تتحول إلى واقع فعلى لكل من له عينان. وظهر هذا فى السياسة الخارجية وفى الاقتصاد وحتى فى الحريات (تحويل المضربين والمعتصمين للمحاكم المدنية والعسكرية) وفى استمرار المنظومة الإعلامية الرسمية المعادية للإسلام والتيار الإسلامى، بحيث لم يتحقق فعلا من الثورة إلا الحريات العامة التى انتزعتها الجماهير انتزاعا بالأمر الواقع بدون تقنين واضح حتى الآن. وحتى استيراد اللحوم من السودان الذى لا يحتاج لأى مهارة استثمارية وكان بإمكان الدولة أن تقوم به أحاله عصام شرف لوجوه بارزة من الحزب الوطنى المنحل والمحالين للتحقيق فى موقعة الجمال (إبراهيم كامل مثلا!). وأتوقف اليوم عند موقف شاذ يصر عليه عصام شرف بانضمامه إلى الجوقة التى تطالب بتأجيل الانتخابات وهو آخر من يحق له أن يفعل ذلك، لأنه رئيس وزراء مؤقت ينتظر التقاعد بمجرد إجراء الانتخابات، وكان يتعين عليه أن يتمتع بالحساسية السياسية ولا يطالب باستمرار نفسه فى الحكم لأنه غير منتخب من الأصل! كذلك لا يجوز لرئيس حكومة أن ينضم لحملة تطالب بإلغاء الاستفتاء الشعبى الذى حدد جدولا للانتخابات وتسليم السلطة. وأكرر أن إلغاء الاستفتاء بعد إجرائه بقرار سياسى معناه عودة البلاد إلى الفوضى وتحطيم أى قواعد للعمل السياسى وانتهاء المشروعية المؤقتة للمجلس العسكرى وحكومة شرف، ودعوة صريحة لتجديد الثورة. والمجلس العسكرى يدرك ذلك جيدا كما هو واضح حتى الآن على الأقل ولكن شرف لا يأبه ولا يدرك خطورة أن يكرر فى جنوب أفريقيا (لاحظ كثرة سفره للخارج فى هذه الفترة الحرجة) أنه يؤيد تأجيل الانتخابات البرلمانية! إن شرف يتناغم تماما مع المشروع الأمريكى لاحتواء الثورة وتفريغها من مضمونها فى المجالين السياسى والاقتصادى. وهذا من دواعى إصرارنا على سرعة تسليم السلطة للشعب وأن يقرر الشعب عبر ممثليه المنتخبين مستقبل البلاد. وعلى كل الوطنيين من مختلف الاتجاهات إدراك خطورة اللحظة والأهمية الاستراتيجية لإجراء الانتخابات فى موعدها أى من زاوية الحفاظ على استقلال البلاد الذى انتزعته الثورة، ولا يركزون انتباههم على احتمالات الفوز الكبير للتيار الإسلامى، لأن هذا حتى فى حالة حدوثه يصب فى مصلحة الاستقلال الوطنى. الاستقلال الوطنى يعلو فوق كل اعتبار آخر بل هو فى عرف التيار العريض والأساسى للإسلاميين من أبرز أهدافهم المنشودة.
مجدى أحمد حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق